يقدّم عمران ملا وبيتر أوبورن تحليلًا يكشف حملة سياسية وإعلامية منظّمة تهدف إلى وصم النواب المسلمين المستقلين في بريطانيا بأنهم “طائفيون” وغير شرعيين، في خطاب جديد يرى الكاتبان أنه عنصري وخطير، ويعيد إنتاج أنماط قديمة من شيطنة مشاركة المسلمين في الحياة العامة.

 

يتتبع المقال الذي نشره موقع ميدل إيست آي تحوّلات الخطاب السياسي والإعلامي البريطاني، خاصة مع بروز مصطلحات تُستخدم فجأة وبكثافة لتبرير مواقف إقصائية، تمامًا كما استخدم مصطلح “أسلحة الدمار الشامل” قبل غزو العراق عام 2003 لإضفاء شرعية زائفة على حرب غير قانونية.

 

كيف تحوّلت “الطائفية” إلى سلاح سياسي

 

يرصد المقال صعود استخدام كلمة “طائفي” في القاموس السياسي البريطاني خلال الثمانية عشر شهرًا الماضية، ليس بوصفها توصيفًا محايدًا، بل كأداة لشيطنة سياسيين مسلمين. تاريخيًا، ارتبط المصطلح في بريطانيا بصراعات أيرلندا الشمالية، لكن الخطاب الجديد يعيد توجيهه نحو المسلمين، لتصويرهم كتهديد منفصل عن “الجسم الوطني”.

 

يكشف البحث في سجلات البرلمان البريطاني أن أول استخدام بهذا المعنى ظهر في يوليو 2024 على لسان اللورد المحافظ دين جودسون، الذي حذّر من “نداءات جماعاتية صريحة” في الانتخابات العامة. سرعان ما التقط سياسيون محافظون آخرون هذا الخطاب، من بينهم روبرت جينريك وكيمي بادنوك، اللذان هاجما نوابًا منتخبين ووصفوهـم بأنهم نتاج “سياسة إسلامية طائفية” لا مكان لها في بريطانيا.

 

لم يقتصر الأمر على السياسيين، بل انتقل إلى الصحافة اليمينية، حيث استخدم كتّاب بارزون المصطلح ذاته لتصوير النواب المسلمين كنتاج تصويت ديني ضيق، مرتبط بهوس غزة وإسرائيل، في تجاهل تام لتعقيد برامجهم السياسية وقواعدهم الانتخابية المتنوعة.

 

الوقائع على الأرض تناقض السردية

 

يفنّد الكاتبان هذه الادعاءات من خلال متابعة دقيقة لمسارات النواب الأربعة المستقلين المسلمين الذين دخلوا البرلمان. يبرزان تجربة عدنان حسين في بلاكبيرن، حيث خاض حملة ركزت على قضايا الفقر والرعاية الصحية إلى جانب غزة، في دائرة لا يشكل المسلمون سوى ثلث سكانها. هذا الواقع وحده، بحسب الكاتبين، يسقط فكرة “الحملة الطائفية”.

 

بعد دخوله البرلمان، شارك حسين في تأسيس “التحالف المستقل” مع جيريمي كوربن، ودفع بسياسات تقليدية لليسار العمالي مثل معارضة سقف إعانات الطفلين ومشاريع إصلاح الرفاه. كما اتخذ مواقف كسرت الصور النمطية، فدعم تحقيقًا عامًا في فضائح عصابات الاستغلال الجنسي، وانتقد احتجاجات إسلامية رأى أنها تزيد التوتر المجتمعي، واختار كاتدرائية بلاكبيرن صورة لبطاقته في عيد الميلاد.

 

ينتقل المقال إلى شوكت آدم في ليستر ساوث، الذي يبرز حضوره في فعاليات جميع الطوائف الدينية، ودفاعه عن التقاليد المسيحية في البرلمان، ودعمه لترميم الكنائس التاريخية. كما يعرض مواقف أيوب خان وإقبال محمد، اللذين شددا على تمثيل دوائر متنوعة، والعمل المشترك عبر الأديان، والتركيز على قضايا إنسانية وبيئية أوسع.

 

من “حصان طروادة” إلى نواب البرلمان

 

يربط الكاتبان هذا الخطاب بحوادث سابقة، أبرزها قضية “حصان طروادة” عام 2014، حين رُوّجت رواية ملفّقة عن “أسلمة” مدارس في برمنجهام، بدفع من مراكز بحثية وسياسيين محافظين، رغم علمهم بضعف الأدلة. استُهدف حينها معلمون مسلمون وشُوّهت سمعتهم قبل أن تنهار القضايا لاحقًا.

 

يرى المقال أن ما يجري اليوم يعيد النمط ذاته: تصوير مشاركة المسلمين الطبيعية في الديمقراطية بوصفها تهديدًا وجوديًا. ويضع الكاتبان هذا الخطاب في سياق أوسع، يشبه سرديات اليمين المتطرف في ألمانيا والمجر والهند، حيث يُقدَّم المسلمون كـ“غرباء” أو “غزاة”.

 

يختم المقال بالتأكيد أن النواب المسلمين المستقلين يقفون في الواقع مع الرأي العام البريطاني، خصوصًا في ما يتعلق بغزة ووقف إطلاق النار واحترام القانون الدولي. المفارقة، بحسب الكاتبين، أن من يُتهمون بالطائفية يدافعون عن النظام الدولي القائم على القانون، بينما يهاجمه من يرفعون هذا الاتهام. ويخلصان إلى أن هذه الحملة ليست دفاعًا عن القيم البريطانية، بل انحراف عنها، وهجومًا صريحًا على التعددية والديمقراطية.

 

https://www.middleeasteye.net/big-story/exposed-dirty-campaign-paint-muslim-mps-anti-british